الاثنين، 4 يناير 2016

رفقًا بالقوارير !


? تامر الأشعري
تنطوي لغة الإعلام العربي على كثير من مقت الأنثى واستهجانها، ونعتها بأبخس النعوت.. ونُتَفٌ من الإطلالات السريعة على القنوات -وأنت تعبث بالريموت كنترول بأصابعك- كفيلة تماما بتدعيم هذه الحقيقة !
لاحظ معي –على سبيل المثال- المعلومات التوثيقية التي تتسلسل في نهاية أكثر الأغنيات التي تغنيها نساء فنانات (أغنية  "بغَازِلَهْ" للفنانة مشاعل مثلا)، وقل لي ماذا ترى؟. إن كاتب الكلمات رجل، والمُصوّر رجُل، والمكياج رجُل، والملابس رجُل، والمُخرج رجُل ... ولا أشك في أنه حتى الشكر والتقدير الذي يعقُب ذلك كله : يقدمه رجل، تجاه مؤسسة يديرها رجُل، ويعمل فيها كوكبة من الرجال !
ولقد نسيت واحدة -على الرغم من أنها تمثِّل المفارقة الفظيعة هنا- : كلماتُ الأغنية موجّهة أيضا إلى رجُل !!
وفي أغنيتين عُرِضتا على (mbc)، للفنان عبد المجيد عبد الله، لمحتُ امرأة جالسة بالقرب منه، عليها فستان أزرق فاتحٌ أخّاذٌ .. لا تطالبني بأن أقدم لك معلومات إضافية عنها؛ لأن كاميرا المُصوِّر لم تقدّم لي أكثر من ذلك، إذْ لم يكلّف المصوّر نفسَه تسليط الضوء على وجهها وخدودها ولو لثلاث ثوان على أقل تقدير .. ولو أن يتصدق عليها بلقطة واحدة من تلك اللقطات التي جاد بها على مفاتيح البيانو، و خيوط الطبلة في حضن أحد الطبالين واسعِي المناخير !
قد يقال لي : إن هذه هي إحدى التقنيات الأنيقة في شد انتباه الناظر السامع .. وقد يقال لي : لعل الفتاة هي التي تطوعت بالجلوس بالقرب من الفنان، وربما تكون قد اشترطت على المصوِّر أن لا يسلّط أحداق الكاميرا على أحداقها .. وقد يقال لي ...
لكن الحقيقة هي : أن المصوِّر "رجُل"، بل ورجلٌ حقود !
في إحدى المقابلات السياسية، مع بعض قادة الجماعات المسلحة في الداخل، كلما أراد القائد وصف جبن خصومه ومواقف انسحابهم من بعض المواقع قال : "فرّوا كالنساء" .. "اختبأوا كالنساء" .. "كانوا يصيحون كالنساء" ...إلخ .. والبقية تأتي !
ورأيت على أحد أعمدة الإنارة في الشارع، لوحة إعلانية تعرض تخفيضا هائلا في أسعار مكالمات الهاتف الثابت ..  ومن وجهة نظر رجولية بحتة؛ من الذي يمكن أن يغريه هذا العرض من الفئات الاجتماعية التي تستهويها "الثرثرة" و"كثرة الكلام الفارغ"؟
للإجابة عن هذا التساؤل الكبير .. وُضعَتْ في قلب اللوحة صورة امرأة وسيمة، تحمل سماعة الهاتف، فاتحة فمها، وهي تضحك ضحكة مصطنعة، ومكتوب "تحت قامتها الرشيقة" من الجانب الأيسر : "العرضُ سارٍ  لفترةٍ محدودةٍ" !!
ألم أقل لكم : إن عرب اليوم يحتقرون مخلوقا سماويا اسمه "الأنثى"؟.
$ ملاحظة :
بما أنني واحد من رجالات العرب الذين يحلو  لهم أن يعترفُوا بما اقترفُوا من "تكسير القوارير" .. يمكنني أن أنتهز هذه المناسبة، فأقول :
" أيتها القوارير!. رفقًا بنا أيضا.. نحن العطورَ المحبوسة داخِلكُنّ" !

مع فائق تحياتي ،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق