الاثنين، 4 يناير 2016

القواصم، في إحراق المَلازِم !

تامر الأشعري
قضيتُ الأسبوع الفائت كلّه في تفتيش "الشوالات/الجواني/الجواليق" التي كنت أستودعها مخلّفاتي العلمية منذ الصف الثالث الإعدادي، وحتى مرحلة تمهيدي الدكتوراه، فرأيت فيها العجب العُجاب، الذي يُصدّع الألباب : قصائد غزليّة "مدعّسة" أقرؤها لأول مرة منذ أنشأتها، ورسائل شخصية مضحكة، وإجازات شعرية محظورة من النشر والإنشاد معا، ومقالات إذاعية كنت أستقي مادتها من لسان العرب وأساس البلاغة، لا أدري ما معناها إلا بمراجعة كتب مثل : "الجاسوس على القاموس" ..!
وكان من ضمن ما وجدت، ملازمي التربوية والنفسية والإنجليزية التي درَستُها برفقة زملائي في مرحلة البكالوريوس بكلية التربية، فحشرتها جميعا في زاوية بفناء البيت الخارجي، ثم أشعلت فيها نارا عظيمة، لا توازيها في عظمتها إلا نار التشفّي التي تشتعل الآن في غابات روحي !
نعم !. أشعلت فيها النار؛ لأنها أرهقتني علميا، وأنهكتني جسديا، وكانت جميعا مما ثقُل حمله، وغلا ثمنُه، وقلّت "درجاتُه".. إذ كان كل واحد من مدرّسيها يكِل أمر تصحيح إجاباتنا على امتحاناتها : إلى أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، فيخبطون نتائج الطلاب خبط عشواء، ولا يفرّقون فيها بين الزّغردة والعُواء !
المهم أنني أشعلت فيها النار؛ لأنني كنتُ كلما رأيتها؛ نبتت في أدغالي الأحقادُ على مؤلّفيها، ومصوّريها، وحامليها، والمحمولة إليه !
نعم أحرقتها .. حتى تصاعد دخانها في عرض الجبل، على غفلة من الزمان والجماعات المسلحة، ثم بدَأتِ الطائرات بالتحليق، فكنت أتسمّر  في مكاني كتمثال بوذا، ومعي عصا طويلة أنبش بها الأوراق والنار كلما تصالحتا، فتعودان إلى ما غرسه الله في طباعهما من المشاغبة والاختصام ...
وفي هذه الأثناء؛ أحرقتُ معها - عن غير قصد – مجموعة من القوارير البلاستيكية، والأحذية المنتهية الصلاحية، وبعض البعوض والفراشات المجنونة ..
وكنت كلما اشتد وهَج النار، أنزاحُ عنها إلى الجهة المقابلة، فتظن الفتيات الجالسات فوق الجبل أنني أستقبلُهن لأُكحّل عيني ببهاء طلعاتهنّ، فيولّينني ظهورهن، وأولّيهن ظهري أيضا .. ثم يرجع كل منا إلى ما كان عليه في حالته الأولى !.
مازالت النار تشتعل ... فهذه الملازم عنيدة حية وميتة، لكنني –وربِّك- ما تركتها حتى استوثقتُ:
هل صارت كلها رمادًا .. مع الأسماء المدونة فوق أغلفتها وإلى الأبد ؟.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق